الثورة الصناعية لليابان وخرافة المهدي المنظر

يتادول البعض قصة “تاكو أوساهيرا” الرجل الياباني الذي أفنى أكثر من 20 سنه من عمرة ليصنع أول محرك بخاري في تاريخ الياباني ويكون حامل لواء النهضة اليابانية الحديثة. والقصة جميلة جداً وفيها من الايثار والتضحية الكثير. وأقول قصة لأنها تصلح لتكون من قصص قبل النوم التي تشحد بها خيال الأطفال وتغرس في قلوبهم حب العلم والتعلم. لكن حتماً ليست هي الحكاية التي تختزل بها نهضة شعب عريق كاليابان أو تستنهض بها همة أمة راكدة.

أعني هذا الإعتقاد أن نهضة الأمم تكون على يد شخص أو شخصين. هذا القص واللصق من التاريخ لم يخدم الأجيال السابقة ولا جيلنا بشيء. كل الذي قدمتها لنا هي الأيمان بشخصية المنقذ الذي يملأ الكون عدلاً وسلاماً. هذا الهوسفي الخطاب العربي السعودي بفكرة المهدي المنتظر. المهدي الذي سيجعل التعليم في المراتب الأول. المهدي الذي سيجعل السعودية الأولى في البرمجة والأنظمة المعلوماتية. المهدي الذي سيقتل الفساد ويضرب مكامنه بيد من حديد.

ولنأخذ قصة مهدي اليابان الذي انتشلها من دولة اقطاعية بلا انتاج يُذكر غير الحرير قابعة تحت تأثير الدول الغربية وتحكمها. القصة ليس بطلها تاكوا أوساهيرا رضي الله عنه. القصة بطلها انقلاب على حكم الشوغن (الإقطاعيين) وإرجاع سلطة العرش للامبراطور ميجي (1868-1912) الذي عين حكومة من من طبقة العمال والكادحين بالبلد. وأدوا القسم الشهير الذي يطلق عليه تاريخا القسم ذي الخمس بنود (إن خدمتني الترجمة الصحيحة) والذي ينص بنده الخامس على القسم بالآتي:

تحصيل المعرفة من كل أقطار العالم لتقوية أسس الحكم الإمبراطوري

هذه الحكومة وضعت دستوراً جديداً للبلاد ألغى حكم الاقطاعيين والطبقية وقسم الدولة إلى مناطق ادارية و وضع شعارأً لليابان هو (Fukoku Kyohei) والذي يعني إثراء الدولة، أو تقوية الجيش، أو الدولة الغنية.

في عام 1868م قامت الحكومة بارسال بعثة آيوكورا للتعلم من كل شيء ممكن من الغرب وتطبيق ما يصلح لليابان. وحين عودتها عام 1973م تم العمل على إثراء البلد بدعم الصناعة وتحديث الحكومة والتعليم والجيش وتغريب المجتمع. والغريب في الأمر أن اليابان لم تعتمد على دعم الدول الغربية في دعم هذا المشروع، لكن تم الدعم من داخل البلد مالياً بفرض الضرائب على المزارعين.

تم استقدام ما يقارب 3000 من الخبراء الأجانب من فرنسا وبريطانيا وألمانيا (التعليم بالذات كان ألمانياً) ليساعدوا في هذه المهمة. لكن تم منعهم من تقلد أي مناصب حكومية واخضاعهم لرقابة عالية. وتم انشاء المصانع وتدريب الشعب على المهن الحرفية والتقنية الغربية. الأمر الذي سارع بشكل كبير في نمو الاقتصاد الياباني حتى نهاية عام 1920م. وأصبحت اليابان أول دولة آسيوية تفرض نفسها كقوة اقتصادية منتجة وقوة عسكرية تشكل تهديداً للقوى الغربية.

 

لعل كل ما أريد أن أقوله لكم، بالله استيقظوا وكفاكم سخفاً.

المهدي المنتظر لن يأتي ويملأ الدنيا سلاماً وعدلاً، تذكروا أن الناس ستقوم وتبايعه وهو كاره.

تذكروا الوعي الذي دفع الناس لمبايعته.

 

0 الردود to “الثورة الصناعية لليابان وخرافة المهدي المنظر”



  1. اكتب تعليقُا

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s




تغريدة تويتر

رميتُ في الذاكرة

Blog Stats

  • 59٬114 hits

%d مدونون معجبون بهذه: